تدل آية:{وَكَذلِكَ نُوَلِّي.}. على أن الرعية متى كانوا ظالمين، فالله تعالى يسلط عليهم ظالما مثلهم، فإن أرادوا التخلص من ذلك الأمير الظالم، فليتركوا الظلم.
وتدل الآية أيضا على أنه لا بد للناس من أمير وحاكم؛ لأنه تعالى إذا كان لا يخلي أهل الظلم من أمير ظالم، فبأن لا يخلي أهل الصلاح من أمير يحملهم على زيادة الصلاح، كان أولى.
قال علي رضي الله عنه:«لا يصلح للناس إلا أمير عادل، أو جائر» فلما أنكروا قوله: «أو جائر» قال: نعم يؤمن السبيل، ويمكن من إقامة الصلوات، وحج البيت».
وتذكر الآية سنة من سنن الله في الناس، وهي أنه لما كان تعالى ولي المؤمنين أي حافظهم وحارسهم ومعينهم وناصرهم وأن لهم دار السلام، أبان أن أهل النار بعضهم أولياء بعض، أي أن نصراءهم من يشبههم في الظلم والخزي والنكال.
ومهمة الرسل عليهم السلام: تلاوة الآيات الإلهية وتأويلها وتوضيحها، وإنذار الناس وتخويفهم عذاب يوم القيامة.
ولم يجد الكفار بدا من الاعتراف بذلك، ولكن الحياة الدنيا خدعتهم وظنوا أنها تدوم، وخافوا زوالها عنهم إن آمنوا، واعترفوا بكفرهم.
والله عادل أتم العدل وأكمله، لذا فإن عذاب الكفار عدل وحق وواجب، فلا يعذبهم إلا بعد بيان وإنذار، ولا يعاقبهم إلا بعد بعثة الأنبياء والرسل إليهم.
وإرسال الرسل أمر حتمي ضروري، لأن من خصائص الله وصفاته أنه لا يهلك أهل القرى بشركهم قبل إرسال الرسل إليهم، فيقولوا: ما جاءنا من بشير ونذير.