للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب:

{وَذَا النُّونِ} منصوب بفعل مقدر، تقديره: واذكر ذا النون {مُغاضِباً} منصوب على الحال من ضمير {ذَهَبَ} وهو العامل في الحال. {وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} وقرئ: نجي المؤمنين قال أكثر النحويين: إن هذه القراءة محمولة على إخفاء النون من {نُنْجِي} فتوهمه الراوي إدغاما. وأجازه آخرون على أنه فعل مبني للمجهول، على تقدير المصدر، لدلالة الفعل عليه، وإقامته مقام الفاعل، أي: نجّي النجاء المؤمنين، كقراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني: ليجزي قوما أي ليجزي الجزاء قوما.

المفردات اللغوية:

{وَذَا النُّونِ} أي واذكر صاحب الحوت وهو يونس بن متى {إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً} لقومه، و {إِذْ}: بدل مما قبله، أي ذهب غضبان من قومه، مما قاسى منهم، لطول دعوتهم، وإصرارهم على الكفر، ذهب قبل أن يؤمر أو يؤذن له في الذهاب. {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي فظن أن لن نضيق عليه، كما في قوله تعالى: {وَيَقْدِرُ} [الرعد ٢٦/ ١٣ وغيرها] أي ويضيق، وقوله:

{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق ٧/ ٦٥] أي ضيق أو ظن أن لن نقضي عليه بالعقوبة، من التقدير أي القضاء والحكم. أو أن يكون ذلك من باب التمثيل بمعنى: فكانت حاله ممثلة بحال من ظن أن لن نقدر عليه في مراغمته قومه، من غير انتظار لأمر الله. هذه تأويلات. ويجوز أن يكون ذلك مجرد وسوسة الشيطان، ثم يردعه ويرده بالبرهان، فسمي ظنا للمبالغة، كما قال تعالى مخاطبا المؤمنين: {وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب ١٠/ ٣٣]. والخلاصة: أن الظن هنا ليس حاصلا من يونس عليه السلام؛ لأن من ظن عجز الله تعالى فهو كافر.

{فَنادى فِي الظُّلُماتِ} أي في الظلمة الشديدة المتكاثفة، أو ظلمات بطن الحوت والبحر والليل {أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ} أي بأنه لا إله إلا أنت {سُبْحانَكَ} تنزيها لك من أن يعجزك شيء {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} لنفسي بالمبادرة إلى المهاجرة من غير إذن.

جاء في الحديث الذي أخرجه البيهقي عن سعد عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له».

{فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ} أي أجبنا له دعاءه بتلك الكلمات، بأن قذفه الحوت إلى الساحل بعد أربع ساعات مكث فيها في بطنه، وقيل: ثلاثة أيام. {مِنَ الْغَمِّ}: أي من غمه بسبب كونه في بطن الحوت، وبسبب خطيئته {وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} أي وكما أنجينا يونس عليه السلام من كرب الحبس إذا دعانا، كذلك ننجي المؤمنين من كربهم إذا استغاثوا بنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>