سارع هؤلاء إلى تكذيب القرآن من قبل أن يتدبروا ما فيه، أو يفهموه، وهذا.
شأن المعاند الجاهل.
{وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} أي وكما أنهم كذبوا به بداهة قبل التدبر والمعرفة تقليدا للآباء، كذلك كذبوه بعد التدبر ومعرفة علو شأنه وإعجازه وضعف قواهم في المعارضة، تمردا وعنادا، وبغيا وحسدا. ويجوز أن يكون معنى {وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}: لم يأتهم بعد تأويل ما فيه من الإخبار بالمغيبات، حتى يتبين لهم أهو كذب أم صدق؟ {كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي مثل ذلك التكذيب كذبت الأمم السابقة بمعجزات الأنبياء قبل النظر فيها وقبل تدبرها من غير إنصاف من أنفسهم، ولكن تقليدا للآباء وعنادا.
{فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ} أي فانظر أيها الرسول كيف كانت عاقبة أولئك الظالمين لأنفسهم بتكذيبهم رسلهم وطلبهم الدنيا وترك الآخرة، وهي أننا أهلكناهم بسبب تكذيبهم رسلنا، ظلما وعلوا، وكفرا وعنادا وجهلا، فاحذروا أيها المكذبون أن يصيبكم ما أصابهم:{فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت ٤٠/ ٢٩].
فقه الحياة أو الأحكام:
الآيات إثبات قاطع لكون القرآن كلام الله تعالى ووحيه إلى محمد صلى الله عليه وسلّم، وليس افتراء من محمد صلى الله عليه وسلّم، وذلك بدليل وصفه بالأوصاف الخمس التي ذكرت في الآية، وأوضحتها في التفسير السابق.