{اُعْبُدُوا اللهَ} أطيعوا الله ووحدوه. {تَتَّقُونَ} تخافون عقوبته بعبادتكم غيره. {الْمَلَأُ} أشراف القوم، قالوا للعوام. {يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} يطلب الفضل والسيادة عليكم، بأن يكون متبوعا وأنتم أتباعه. {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً} أي لوشاء أن يعبد غيره وأن يرسل رسولا لأنزل ملائكة بذلك، لا بشرا. {ما سَمِعْنا بِهذا} الذي دعا إليه نوح من التوحيد. {فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ} الأمم الماضية. {إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} أي ما نوح إلا رجل به حالة جنون وضعف عقل.
{فَتَرَبَّصُوا بِهِ} انتظروه واحتملوه. {حَتّى حِينٍ} أي إلى زمن لعله يفيق من جنونه، أو إلى زمن موته.
{قالَ: رَبِّ انْصُرْنِي} أي قال نوح بعد يأسه من إيمانهم: ربّ انصرني عليهم {بِما كَذَّبُونِ} أي بسبب تكذيبهم إياي، بأن تهلكهم. {فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ} أي أمرناه إجابة لدعائه. {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} السفينة. {بِأَعْيُنِنا} بحفظنا ورعايتنا. {وَوَحْيِنا} أي أمرنا وتعليمنا. {فَإِذا جاءَ أَمْرُنا} بالركوب أو نزول العذاب والإهلاك. {وَفارَ} نبع. {التَّنُّورُ} أي مكان خبز الخباز أو وجه الأرض، وكان نبع الماء منه علامة لنوح عليه السلام. {فَاسْلُكْ فِيها} أي أدخل في السفينة. {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ} أي من كل صنفين: ذكر وأنثى من أنواع الحيوان الموجود وقتئذ. {اِثْنَيْنِ} ذكرا وأنثى، أي خذ معك على السفينة من كل نوع من أنواع الحيوان صنفا من الذكور وصنفا من الإناث، كالجمال والنوق، مزدوجين. وقراءة حفص {مِنْ كُلٍّ} أي من كلّ نوع زوجين. و {اِثْنَيْنِ}: تأكيد وزيادة تأكيد.
{وَأَهْلَكَ} أهل بيتك، أو من آمن معك. {إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ} أي إلا من قضي عليه القول من الله بهلاكه لكفره وهو زوجته وولده كنعان، بخلاف سام وحام ويافث، فأخذهم مع زوجاتهم الثلاثة. قيل: كانوا ستة رجال مع نسائهم، وقيل: جميع من كان في السفينة ثمانية وسبعون، نصفهم رجال، ونصفهم نساء. وقد عبّر بعلى في قوله:{مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ} لأن المقضي به ضارّ، كما عبّر باللام حيث كان المقضي به نافعا في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ.} ..
{وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} كفروا بترك إهلاكهم. {إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} لا محالة، لظلمهم بالإشراك والمعاصي، ومن كان هذا شأنه لا يشفع له، ولا يشفع فيه. {اِسْتَوَيْتَ} اعتدلت وعلوت. {مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ} الكافرين، والنجاة: هي من إهلاكهم.
{وَقُلْ} عند نزولك من الفلك. {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً} أي اجعل إنزالي أو مكانه إنزالا أو مكانا مباركا، أي فيه الخير والبركة. {وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} ثناء مطابق لدعائه، أمره به توسلا إلى الإجابة. وإنما أفرده بالأمر مع شموله من آمن معه إظهارا لفضله والاكتفاء بدعائه عن دعائهم. {إِنَّ فِي ذلِكَ} المذكور من فعل نوح والسفينة، وفعل قومه وإهلاكهم. {لَآياتٍ}