لما ذكر الله تعالى أن مهمة الرسول مجرد البلاغ، ومهمة المبلّغين هي تنفيذ التكاليف والانقياد له، دون أن يكثروا عليه السؤال عما لم يبلغه لهم، ناسب أن ينهاهم صراحة عن السؤال فيما لا تكليف فيه، لئلا يكون ذلك سببا للإلزام بتكاليف ثقيلة، ومطالب جديدة شديدة.
التفسير والبيان:
يا أيها الذين صدّقوا بالله ورسوله: لا تسألوا عن أشياء غيبية أو خفية أو لا فائدة منها، أو عن أمور دقيقة في الدين، أو عن تكاليف سكت عنها الوحي، فيشق التكليف بها على بقية المؤمنين، فيكون السؤال سببا في التشديد والإساءة والكثرة.
وإن تسألوا عن جنس تلك الأشياء المسكوت عنها أو المعقدة والشائكة أو التكاليف الصعبة حين ينزل القرآن، يظهرها الله لكم على لسان رسوله. وقال ابن كثير: لا تسألوا عن أشياء تستأنفون السؤال عنها، فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق،
وقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه:«إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرّم من أجل مسألته» ولكن إذا نزل القرآن بها مجملة، فسألتم عن بيانها، بينت لكم حينئذ لاحتياجكم إليها.
أي أن المسؤول عنها إما التكاليف الصعبة المنهي عن السؤال فيها، أو عن غيرها مما فيه لكم حاجة وقد نزل بها الوحي.
وروى مسلم عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله حرّم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات، وكره لكم ثلاثا: قيل