وقوله:{دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً} يراد به أحوال الدعاء.
والمراد بالمزين في قوله:{زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ} هو الشيطان أو النفس، أو الله تعالى. وسمي الكافر مسرفا في نفسه وماله ومضيعا لهما؛ لأنه في النفس جعلها عبدا للوثن، وفي المال فلأنه أضاعه فيما لا يفيد. والأصح كما قال القرطبي أن الآية تعم الكافر وغيره، وهذه صفة كثير من المخلطين الموحدين، إذا أصابته العافية، استمر على ما كان عليه من المعاصي.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على الآتي:
١ - الله لطيف بعباده حليم رحيم بهم لا يستجيب دعاءهم على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم بالشر في حال الضجر والغضب، فلو عجل الله للناس العقوبة، كما يستعجلون الثواب والخير، لماتوا؛ لأنهم خلقوا في الدنيا خلقا ضعيفا، وذلك على عكس خلقهم يوم القيامة؛ لأنهم حينئذ يخلقون للبقاء.
فالآية ذامّة خلقا ذميما في بعض الناس، يدعون في الخير، فيريدون تعجيل الإجابة، ثم يحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء في الشرّ، فلو عجّل لهم لهلكوا.
ومن حكمة الله تعالى أن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلّم قومه العرب وآخرون من الأمم، ومن يكفر يعاقبه الله بالقتل أو يؤخره إلى يوم القيامة، وهذا معنى قوله:{فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ.} ..
٢ - لا يعجل الله للناس الشر، فربما يتوب منهم تائب، أو يخرج من أصلابهم مؤمن. وقد رحم الله تعالى العالم كله بالنبي صلى الله عليه وسلّم، فرفع عن الأمم عذاب الاستئصال؛ لأنه رحمة للعالمين.
٣ - الإنسان في جميع حالاته الاضطرارية لا يجد ملجأ أمامه سوى الله تعالى