{اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ابتدئ قراءة القرآن مفتتحا باسم ربّك، أو مستعينا به. {الَّذِي خَلَقَ} الذي خلق كل شيء. {خَلَقَ الْإِنْسانَ} جنس الإنسان. {مِنْ عَلَقٍ} جمع علقة: وهي قطعة دم يسيرة جامدة، فإذا جرى الدم فهو المسفوح. {اِقْرَأْ} تأكيد للأول. {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} الذي لا يوازيه كريم، الزائد في الكرم على كل كريم، فإنه ينعم بلا غرض. {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} علّم الخط والكتابة بالقلم، وأول من خط به إدريس عليه السّلام. {عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} علم جنس الإنسان بخلق القوى، وإقامة الدلائل، وإنزال الآيات، وبتعليمه الأشياء من غير معلّم كالكتابة والصناعة وغيرها. والمقصود: أنه يعلمك القراءة وإن لم تكن قارئا. وقال:{مِنْ عَلَقٍ} بلفظ الجمع؛ لأنه أراد بالإنسان الجمع، وكل الناس خلقوا من علق بعد النطفة. والعلقة:
قطعة من دم رطب، سميت بذلك؛ لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه، فإذا جفّت لم تكن علقة.
وقد أبان في هذه الآيات مبدأ خلق الإنسان الذي يدلّ على الأوصاف الإلهية وأهمها بيان وجوده وقدرته تعالى، ثم أشار إلى إثبات العلوم السمعية الموقوفة على النقل والكتابة، ثم إثبات النبوة.
{كَلاّ} أي حقا عند بعض المفسرين؛ لأنه ليس قبله ولا بعده شيء يتوجه إليه الردع، وقال الزمخشري: إنه ردع لمن كفر بنعمة الله عليه وطغى، وهذا معلوم من سياق الكلام، وإن لم يذكر. {إِنَّ الْإِنْسانَ} أي: فرد من النوع الإنساني. {لَيَطْغى} يتكبر ويتجاوز الحدّ في العصيان. {أَنْ رَآهُ} لأن رأى نفسه. {اِسْتَغْنى} اغتنى بالمال وغيره، أي صار ذا مال وأعوان يغني بهما، والآية نزلت في أبي جهل، كما سأبيّن. {إِنَّ إِلى رَبِّكَ} يا إنسان. {الرُّجْعى} الرجوع، والرجعى والمرجع والرجوع: مصادر، أي المصير والعودة، والمراد تخويف الإنسان، فإن الله يجازي الطاغي بما يستحقه.
سبب النزول:
نزول الآية (٦):
{كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ.}.: أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن المنذر وغيرهم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يعفّر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل:
نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل لأطأنّ على رقبته، ولأعفرنّ وجهه في التراب، فأنزل الله:{كَلاّ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى} الآيات.