قال تعالى في الحالين:{وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ، وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ}[التوبة ١٢٤/ ٩ - ١٢٥].
والتوبة سبيل التزكية والتطهير والإصلاح، كما قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها}[الشمس ٩/ ٩١ - ١٠] فمن أهمل إصلاح نفسه خسر، ومن حاول الإصلاح نجح، فإذا تراكمت المساوئ، وأهملت تزكية النفس، وتدنست بالمعاصي الكثيرة، صعب في العادة الرجوع إلى جادة الاستقامة. وهذا ما أشارت إليه آيات التوبة:{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ، ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ، فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ، حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ، قالَ: إِنِّي تُبْتُ الْآنَ، وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفّارٌ، أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً}[النساء ١٧/ ٤ - ١٨].
وأما الصنف الثالث فهم الذين يموتون وهم كفار، فهؤلاء لن يقبل منهم الفداء، ولو كان ملء الأرض ذهبا، ولو افتدى به في الآخرة، لا يقبل منه، على افتراض أنه يملكه، ويريد استخدامه وسيلة النجاة، ولهم عذاب أليم أي عقاب مؤلم، وليس لهم ناصر ولا شفيع يمنع عنهم العذاب، أو يخففه، كما قال تعالى:{فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ، وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، مَأْواكُمُ النّارُ، هِيَ مَوْلاكُمْ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الحديد ١٥/ ٥٧].
فقه الحياة أو الأحكام:
صنفت الآيات الكفار إلى أصناف ثلاثة بحسب بقائهم على الكفر وقبولهم الإيمان، وهو تصنيف صريح واقعي.
فمن كفر بعد إسلامه، وكان ظالما مقيما على الظلم لا يهديه الله ما دام مقيما