{الْمُزَّمِّلُ} المتزمل: المتلفف بثيابه. {قُمِ اللَّيْلَ} أي قم إلى الصلاة، أو داوم عليها.
{نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً} أي انقص من النصف قليلا إلى الثلث، والمراد به التخيير بين قيام النصف والناقص منه والزائد عليه. {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} إلى الثلثين، و {أَوْ} للتخيير. {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} اقرأه على تؤده وتثبت في تلاوته، مع تبيين الحروف بحيث يتمكن السامع من عدّها.
{قَوْلاً ثَقِيلاً} قرآنا شاقا شديدا أو مهيبا، لما فيه من التكاليف الشاقة، لكن مشقة معتادة مألوفة، لا مشقة زائدة غير معتادة. {ناشِئَةَ اللَّيْلِ} ما ينشأ فيه ويحدث ويتجدد، وهو القيام إلى الصلاة بعد النوم. {أَشَدُّ وَطْئاً} أي مواطأة وموافقة، يوافق السمع فيها القلب على تفهم القرآن. {وَأَقْوَمُ قِيلاً} أبين وأسد مقالا، أو أثبت قراءة لحضور القلب وهدوء الأصوات. {سَبْحاً طَوِيلاً} تقلبا في مهامك واشتغالا بها، فعليك بالتهجد؛ لأن مناجاة الحق تستدعي فراغا، ولا تفرغ في أثناء النهار لتلاوة القرآن والعبادة. {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} أي دم على ذكره ليلا ونهارا، وذكر الله يتناول كل ما يذكر به من تسبيح وتهليل وتمجيد وتحميد وصلاة وقراءة قرآن ودراسة علم. {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} أي انقطع إلى الله بالعبادة، وجرّد نفسك عما سواه. {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} فوض كل أمورك إليه. {وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ} اصبر على أذى كفار مكة. {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} بأن بجانبهم وتداريهم ولا تعاتبهم وفوض أمرهم إلى الله، فالهجر الجميل: هو ما لا عتاب معه.
سبب النزول:
نزول الآية (١ - ٢):
{يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً}: أخرج الحاكم عن عائشة قالت: لما أنزلت {يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً} قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم، فأنزلت:{فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ}. وأخرج ابن جرير مثله عن ابن عباس غيره.
وقال ابن عباس: كان هذا في ابتداء الوحي إليه، فإنه لما سمع قول الملك ونظر إليه، أخذته الرّعدة، فأتى أهله، فقال:«زمّلوني زمّلوني».