{قالَتْ: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ، إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ} أي قالت بلقيس لأشراف قومها ومستشاريها وأركان دولتها ومملكتها: يا أشراف القوم، إني ألقي إلي كتاب كريم: لأن مرسلة نبي الله سليمان، وهو ملك كريم، ولحسن مضمونه وجمال عباراته، ولأنه كان مختوما،
قال صلّى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني:«كرامة الكتاب: ختمه» وكان صلّى الله عليه وسلم يكتب إلى العجم، فقيل له: إنهم لا يقبلون إلا كتابا عليه خاتم، فاتخذ لنفسه خاتما؛ كما أن فيه عجيب أمر حامله، وهو طائر ألقاه به إليها، ثم تولى عنها أدبا، وهذا أمر لا يقدر عليه أحد من الملوك، ولا سبيل لهم إلى ذلك.
ومضمون الكتاب:
{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ، وَإِنَّهُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، أَلاّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} أي قرأت الكتاب على أشراف قومها، وكان في غاية البلاغة والوجازة والفصاحة شاملا أمورا ثلاثة:
١ - البسملة الدالة على إثبات الله ووحدانيته وقدرته ورحمته.
٢ - النهي عن الترفع الذي يحجب وصول الحق إلى النفوس، والنهي عن الانقياد للأهواء.
٣ - الأمر بالإسلام الجامع لأصول الفضائل، أو الأمر بالانقياد والطاعة لأمر سليمان.
قال العلماء: لم يكتب أحد: بسم الله الرحمن الرحيم قبل سليمان عليه السلام. وبه ثبت أن هذا الكتاب على وجازته جامع كل ما لا بد منه من أمور الدين والدنيا.