للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفردات اللغوية:

{بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} أي متشابهون في صفة النفاق والبعد عن الإيمان كأبعاض الشيء الواحد كما يقال: أنت مني وأنا منك، أي أمرنا واحد لا مباينة فيه. وقال الزمخشري: المراد به نفي أن يكونوا من المؤمنين وتكذيبهم في حلفهم بالله: {إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ}، وتقرير لقوله: {وَما هُمْ مِنْكُمْ} [التوبة ٥٦/ ٩] وما بعده كالدليل عليه، فإنه يدل على مضادّة حالهم لحال المؤمنين، وهو قوله:

{يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ} أي بالكفر والمعاصي. والمنكر: إما شرعي: وهو ما يستقبحه الشرع ويمنعه، وإما عقلي: وهو ما تستنكره العقول السليمة والفطر النقية، لمنافاته الأخلاق والمصالح العامة. وضده المعروف. {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} أي الإيمان والطاعة، والمعروف: كل ما أمر به الشرع، أو استحسنه العقل والعرف الصحيح غير المصادم للشرائع والأخلاق.

{وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} عن الإنفاق في الطاعة، ويراد به الكف عن البذل فيما يرضي الله، وضده: بسط‍ اليد {نَسُوا اللهَ} تركوا طاعته وأوامره حتى صارت بمنزلة المنسيّ {فَنَسِيَهُمْ} فتركهم من فضله ولطفه ورحمته، وجازاهم على نسيانهم وإغفالهم ذكر الله {الْفاسِقُونَ} الخارجون عن الطاعة، المنسلخون عن أصول الإيمان، الكاملون في التمرد والتنكر للخير.

{وَعَدَ اللهُ} الوعد: يستعمل في منح الخير والشر، والوعيد خاص بالشر {خالِدِينَ فِيها} مقدّرين الخلود {هِيَ حَسْبُهُمْ} كفايتهم عقابا وجزاء، وفيه دلالة على عظم عذابها {وَلَعَنَهُمُ اللهُ} أبعدهم من رحمته وأهانهم مع التعذيب، وجعلهم مذمومين ملحقين بالشياطين الملاعين، كما عظم أهل الجنة وألحقهم بالملائكة المكرّمين. واللعن: الطرد أو الإبعاد من الرحمة والإهانة والإذلال {وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ} دائم ثابت لا ينقطع، والمراد أن لهم نوعا من العذاب غير الصلي بالنار، أو لهم عذاب ملازم لهم في الدنيا وهو ما يقاسونه من تعب النفاق.

{كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي أنتم أيها المنافقون مثل الذين من قبلكم من الكفار، أو فعلتم مثل ما فعل الذين من قبلكم، وهو أنكم استمتعتم وخضتم كما استمتعوا وخاضوا {فَاسْتَمْتَعُوا} تمتعوا {بِخَلاقِهِمْ} نصيبهم من ملاذ الدنيا {فَاسْتَمْتَعْتُمْ} أيها المنافقون {وَخُضْتُمْ} دخلتم في الباطل والطعن بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلم {كَالَّذِي خاضُوا} أي كخوضهم. وفائدة ذكر {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ} وقوله:

{كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ}: أن يذم الأولين بالاستمتاع بحظوظ‍ الدنيا ورضاهم بها، والتهائهم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة والسعي في تحصيل الفلاح في الآخرة، تمهيدا لذم المخاطبين بمشابهتهم واقتفاء أثرهم.

{حَبِطَتْ} بطلت وفسدت أعمالهم وذهبت فائدتها في الدنيا والآخرة، ولم يستحقوا عليها ثوابا في الدارين {وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} الذين خسروا الدنيا والآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>