ذلك التّحريم الذي حرّمناه عليهم بسبب بغيهم، وعقوبة لهم، لقتلهم الأنبياء بغير حقّ، وصدّهم عن سبيل الله، وأخذهم الرّبا، واستحلالهم أموال النّاس بالباطل.
وفي ذكر هذا تكذيب لليهود في قولهم: إن الله لم يحرّم علينا شيئا، وإنما حرمنا على أنفسنا ما حرّمه إسرائيل على نفسه.
ولما كان هذا إخبارا عمّا حكم الله به على اليهود في الماضي، ولم يكن لأحد به علم، وردّا على قولهم: لم يحرّم علينا شيء، قال تعالى:{وَإِنّا لَصادِقُونَ} قال الطبّري: أي لصادقون في إخبارنا بهذه الأخبار من تحريمنا ذلك عليهم لا كما زعموا، من أن إسرائيل هو الذي حرّمه على نفسه، ومن أصدق من الله حديثا، وقال ابن كثير: أي وإنا لعادلون فيما جازيناهم به.
فإن كذّبوك يا محمد بعد هذا أي اليهود، كما قال مجاهد والسّدي، أو مشركو مكة، والصواب: فإن كذّبك يا محمد مخالفوك من المشركين واليهود وأشباههم في ادّعاء النّبوة والرّسالة، وفي تبليغ الأحكام {فَقُلْ: رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ} وهذا ترغيب لهم في ابتغاء رحمة الله الواسعة واتّباع رسوله، {وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} أي لا يردّ عذابه عن كلّ مجرم، وهذا ترهيب لهم من مخالفتهم الرّسول خاتم النّبيين صلّى الله عليه وسلّم.
وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين التّرغيب والتّرهيب في القرآن، كما قال تعالى في آخر هذه السّورة {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت آية:{قُلْ: لا أَجِدُ.}. على تحريم أربعة أشياء، هي: الميتة، والدّم المسفوح، ولحم الخنزير، والمذبوح للأصنام تعبّدا، وبما أن الآية مكية فمعناها وما يستفاد منها مقصور على هذه الأربعة، أي {قُلْ} يا محمد،