{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} فيه تنزيل غير العاقل منزلة العاقل، حيث عبر عن الشمس والقمر والنجوم بضمير جمع المذكر في قوله {يَسْبَحُونَ} بدل: يسبح، لأن السباحة من صفات العقلاء.
{يَأْكُلُونَ} و {الْعُيُونِ} و {يَعْلَمُونَ} و {مُظْلِمُونَ} و {يَسْبَحُونَ} و {الْمَشْحُونِ} و {يَرْكَبُونَ} سجع لطيف غير متكلف، وكذا في قوله {الْعَلِيمِ} و {الْقَدِيمِ}.
المفردات اللغوية:
{وَآيَةٌ لَهُمُ} علامة دالة على البعث. {الْمَيْتَةُ} التي لا نبات فيها، وتقرأ بتخفيف الياء أو بالتشديد، والأول أشيع لسلسها على اللسان. {أَحْيَيْناها} بالماء فصارت حية بالنبات.
{وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا} المراد جنس الحب كالحنطة. {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} قدم الصلة (الجار والمجرور) على الفعل للدلالة على أن معظم ما يؤكل ويعاش به هو الحب. {جَنّاتٍ} بساتين ذات أشجار مثمرة كالنخيل والأعناب. {وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ} فتّحنا وشققنا فيها شيئا من العيون.
{لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} {ثَمَرِهِ} يقرأ بفتحتين وضمتين، أي ثمر المذكور من النخيل وغيره.
{وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} قيل: ما: نافية أي لم تعمل الأيدي الثمر بل العامل له هو الله، والأصح:
أنها اسم موصول عطف على الثمر، والمراد: ما يتخذ منه كالعصير والدبس ونحوهما. {أَفَلا يَشْكُرُونَ} أنعم الله تعالى عليهم وهو أمر بالشكر، من طريق إنكار تركه. {سُبْحانَ} تنزيها لله عما لا يليق به. {الْأَزْواجَ كُلَّها} الأنواع والأصناف المختلفة. {مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} من النبات والشجر. {وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ} أي وخلق الأزواج من أنفسهم، وهم الذكور والإناث من بني آدم.
{وَمِمّا لا يَعْلَمُونَ} من أصناف المخلوقات العجيبة في البرّ والبحر، والسماء والأرض، مما لم يطلعهم الله عليه، ولم يجعل لهم طريقا إلى معرفته.
{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ} أي وعلامة دالة لهم على القدرة العظيمة وتوحيد الله ووجوب ألوهيته.
{نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ} نفصل منه النهار ونزيله عنه، والسلخ: إذهاب الضوء، ومجيء الظلمة.
{فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ} داخلون في الظلام مفاجأة وبغتة. {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها} آية مستقلة أخرى، تطلع وتسير لحد معين ينتهي إليه جريانها ودورها. {ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} أي ذلك الجري تقدير الغالب بقدرته على كل مقدور، {الْعَلِيمِ} المحيط علمه بكل معلوم.
{قَدَّرْناهُ مَنازِلَ} أي جعلنا له منازل، والمنازل: جمع منزل، والمراد به المسافات التي يقطعها القمر في يوم وليلة، وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر في كل ليلة في واحد منها، فإذا صار في آخرها وهو حينئذ دقيق قوس، عاد إلى أولها. ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوما،