{نَطْمِسَ وُجُوهاً} استعارة، شبه مسخ الوجوه بالصحيفة المطموسة التي أشكلت حروفها وغمضت سطورها.
يوجد طباق بين {وُجُوهاً} ... {أَدْبارِها}.
ويوجد جناس اشتقاق في {نَلْعَنَهُمْ} .. {لَعَنّا}.
المفردات اللغوية:
{أُوتُوا الْكِتابَ} التوراة {نَطْمِسَ} الطمس: الإزالة، والمراد به هنا: محو آثار الإنسانية بإزالة ما في الوجوه من العين والأنف والحاجب، وترددت الكلمة في القرآن، مثل:{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ}[يونس ٨٨/ ١٠] أي أزلها وأهلكها، ومثل:{وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ}[يس ٦٦/ ٣٦] إما بإزالة نورها، وإما بمحو حدقتها {وُجُوهاً} جمع وجه: وهو الوجه المعروف، وطمسها: هو ردها إلى الأدبار وجعل أبصارهم من ورائهم، أو المراد: ألا نبقي لها سمعا ولا بصرا ولا أنفا. وقال ابن عباس: وطمسها: أن تعمى.
وقد يطلق الوجه على اتجاه النفس: وهو ما تتوجه إليه من المقاصد، كما قال تعالى:
{فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها} الأدبار: جمع دبر، وهو الخلف والقفا. والرد على الأدبار: جعلها كالأقفاء لوحا واحدا. ويستعمل الرد على الأدبار إما في الحسيات وهو الهزيمة أو الفرار في القتال، وإما في المعنويات: وهو الرجوع إلى الوراء أي العودة إلى الكفر، كما في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ}[محمد ٢٥/ ٤٧].
{أَوْ نَلْعَنَهُمْ} أو نجزيهم بالمسخ كما مسخنا أصحاب السبت قردة وخنازير، وقيل: أو نهلكهم، كما أهلكنا أصحاب السبت.
سبب النزول:
أخرج ابن إسحاق عن ابن عباس قال: كلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رؤساء من أحبار اليهود، منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد، فقال لهم:«يا معشر يهود، اتقوا الله، وأسلموا، فو الله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق» فقالوا: