قال ابن كثير: لما قدم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم المدينة، رمته العرب عن قوس واحدة، وحاربته يهود المدينة ومنافقوها، فلما نصره الله يوم بدر، وأعلى كلمته، قال عبد الله بن أبي وأصحابه: هذا أمر قد توجه (أي أقبل). فدخلوا في الإسلام ظاهرا، ثم كلما أعز الله الإسلام وأهله، غاظهم ذلك وساءهم، ولهذا قال تعالى:
١ - ترك المنافقين الاستعداد للمعركة دليل واضح على أنهم أرادوا التخلف، سواء أذن لهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أو لم يأذن، مع أنهم كانوا موسرين قادرين على تحصيل الأهبة والعدة.
٢ - إن لوم هؤلاء على ترك الإعداد للقتال يدل على وجوب الاستعداد للجهاد قبل وقت وقوعه، وهو كقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ}[الأنفال ٦٠/ ٨].
٣ - لم تكن مشاركة المنافقين وخروجهم للقتال مع المؤمنين في غزوة تبوك وغيرها خيرا ومصلحة، وإنما كانت شرا ومفسدة، وقد شرح تعالى المفاسد وحصرها في ثلاث:
إفساد النظام والعمل، وتفريق كلمة المسلمين بالنميمة، واستدراج فئة من ضعاف الإيمان والعقل والحزم إلى صفوفهم وسماع كلامهم.
ثم تأكد ذلك بآيات أخرى، منها:{فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ، فَقُلْ: لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً}[التوبة ٨٣/ ٩] ومنها: