للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الرّحمة والرّحم واحد، وهي بمعنى العفو والمغفرة، وقيل: أراد بالرحمة الإحسان، وقيل:

مالا يكون تأنيثه حقيقيا جاز تذكيره، وقيل: أراد بالرحمة هنا المطر، وقيل: على تذكير المكان أي مكانا قريبا، وقيل: ذكّر على النسب، كأنه قال: إن رحمة الله ذات قرب. وقيل: في غير النسب يجوز التذكير والتأنيث، يقال: دارك منا قريب، وفلانة منا قريب.

المفردات اللغوية:

{تَضَرُّعاً} تذللا، وهو إظهار ذل النفس وخضوعها {خُفْيَةً} سرا، وهو ضد العلانية {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت، والمراد: عدم الثواب وعدم الرضا عن الداعي.

{وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} بالشرك والمعاصي {بَعْدَ إِصْلاحِها} ببعث الرسل {خَوْفاً} من عقابه، والخوف: توقع الشر والمكروه {وَطَمَعاً} في رحمته، وهو توقع الخير.

المناسبة:

بعد أن ذكر الله تعالى الأدلة على توحيد الربوبية من كمال القدرة والتدبير، والحكمة والتصرف، أتبعه بالأمر بتوحيد الألوهية بإفراده تعالى بالعبادة والاشتغال بالدعاء والتضرع، فإن الدعاء مخ العبادة.

التفسير والبيان:

أرشد الله تعالى عباده إلى دعائه الذي هو صلاحهم في دنياهم وأخراهم، فقال: {اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} أي ادعوا ربكم ومتولي أموركم والمنعم عليكم، متضرعين متذللين مستكينين، مع إسرار الدعاء وإخفائه، فالدعاء مخ العبادة. وفيه إيماء إلى ندب الدعاء خفية؛ لأنه أبعد عن الرياء، ولقوله تعالى:

{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً} [الأعراف ٢٠٥/ ٧] وقوله بالثناء على زكريا: {إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا} [مريم ٣/ ١٩].

وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: رفع الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>