إن حال الصحابة في كراهة تنفيل المقاتلة وقسمة الغنائم بالسوية مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب من بيتك بالمدينة أو المدينة نفسها؛ لأنها موضع هجرته ومسكنه، أو لأن بيته فيها، وكان إخراجا بالحق، أي متلبسا بالحكمة والصواب، وكان فريق من المؤمنين يكرهون الخروج، لعدم استعدادهم للقتال، لذا فإنه أخرجك في حال كراهيتهم الخروج، فالتشبيه بين الحالتين في مطلق الكراهة؛ لأن بعض المسلمين في بدر كرهوا أمرين:
أولهما-كرهوا قسمة الغنيمة بينهم بالتساوي، وكانت تلك الكراهة من الشبان فقط؛ لأنهم هم الذين قاتلوا وغنموا.
وثانيهما-كرهوا قتال قريش؛ لأنهم خرجوا من المدينة بقصد الغنيمة ولم يستعدوا للقتال.
ولكن الله تعالى قال لهم في الأمرين: كما أنكم اختلفتم في المغانم وتنازعتم فيها، فانتزعها الله منكم، وجعل قسمتها على يد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم، فقسمها على العدل والتسوية، فكان هذا هو المصلحة التامة لكم، كذلك لما كرهتم الخروج إلى الأعداء وقتال ذات الشوكة وهم النفير الذين خرجوا لنصر دينهم وإحراز عيرهم، فكان عاقبة كراهتكم للقتال بأن قدره لكم، وجمع به بينكم وبين عدوكم على غير ميعاد، رشدا وهدى، ونصرا وفتحا.
والنتيجة من الأمرين: أن امتثال أمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في كل منهما هو الخير والمصلحة والرشاد.
يجادلك المؤمنون في الحق والرأي السديد وهو تلقي النفير، لإيثارهم عليه أخذ العير، بسبب قلة الرجال وكثرة المال، والخوف من قتال المشركين الأكثر عددا وعددا، يجادلونك بعد ما تبين لهم الحق وظهر الصواب، بإخبارك أنهم