{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ} أمرنا، وصى بمعنى أمر معنى وتصرفا. {حُسْناً} أي بأن يفعل معهم حسنا، أي فعلا ذا حسن بأن يبرهما، أو هو الحسن نفسه مبالغة، كأنه في ذاته حسن لفرط حسنه، وقرئ: حسنا وإحسانا. {ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي ما ليس لك بإشراكه علم، أو ما ليس لك بألوهيته علم، أي معلوم، كأنه قال: لتشرك بي شيئا لا يصح أن يكون إلها ولا يستقيم، عبر عن نفي الألوهية بنفي العلم بها إشعارا بأن ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه. {فَلا تُطِعْهُما} في الإشراك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ} مرجع من آمن منكم ومن أشرك، فأجازيكم حق الجزاء. {فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فأجازيكم به.
{لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصّالِحِينَ} في جملتهم، وهم الأنبياء والأولياء، بأن نحشرهم معهم. {فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ} أي بأن عذبهم الكفرة على الإيمان. {فِتْنَةَ النّاسِ} أذاهم له في الصرف عن الإيمان. {كَعَذابِ اللهِ} في صرف المؤمنين عن الكفر، فيطيعهم فينافق. {وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ} اللام لام القسم، ومجيء النصر بالفتح للمؤمنين والغنيمة. {لَيَقُولُنَّ} حذفت منه نون الرفع: ليقولونن لتوالي النونات، وحذفت الواو: ضمير الجمع لالتقاء الساكنين. {إِنّا كُنّا مَعَكُمْ} في الدين والإيمان، فأشركونا في الغنيمة. {أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ} أي بعالم. {بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ} أي بما في قلوبهم من الإخلاص والنفاق؟ بلى.
{وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} صدقوا بقلوبهم. {وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ} الذين آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، فيجازي الفريقين، واللام في الفعلين: لام قسم. {اِتَّبِعُوا سَبِيلَنا} طريقنا الذي نسلكه في ديننا. {وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} أي عنكم في اتباعنا، إن كانت لكم خطايا، والأمر بمعنى الخبر. {مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ} من الأولى: للتبيين، والثانية: مزيدة، والتقدير: وما هم بحاملين شيئا من خطاياهم. {أَثْقالَهُمْ} أوزارهم أو ذنوبهم التي اقترفتها أنفسهم. {وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ} أي ذنوبا أخرى معها لما تسببوا له بالإضلال وحمل الآخرين على المعاصي، من غير أن ينقص من أثقال من تبعهم شيء. {وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ} سؤال تقريع وتبكيت. {عَمّا كانُوا يَفْتَرُونَ} من الأباطيل التي أضلوا بها.
سبب النزول:
نزول الآية (٨):
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ}: روى مسلم وأحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن سعد بن أبي وقاص قال: قالت أم سعد: أليس قد أمر الله بالبر؟ والله لا أطعم