{فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ} وضع الظاهر. {مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ} موضع الضمير. معهم لتسجيل شناعة ما ارتكبوا عليهم، حيث كذبوا واستهزءوا بدلا من التصديق والتعظيم. {لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ} فيه ما يعرف بالسجع.
المفردات اللغوية:
{يَخُوضُونَ} المراد به هنا الاسترسال في الحديث، وقد استعمله القرآن أيضا في المشاركة في الباطل مع أهله، وأصل الخوض: الدخول في الماء سيرا أو سباحة. {يَخُوضُونَ فِي آياتِنا} أي يتكلمون في القرآن استهزاء. {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} انصرف عنهم ولا تجالسهم. {وَإِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ} أي ينسيك وجوب الإعراض عنهم، فقعدت معهم. {بَعْدَ الذِّكْرى} المراد هنا التذكر. {وَلكِنْ ذِكْرى} المراد هنا التذكير والموعظة. {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} الخوض.
{وَذَرِ} اترك ولا تتعرض لهم. {لَعِباً وَلَهْواً} باستهزائهم به. {وَذَكِّرْ بِهِ} عظ بالقرآن الناس. {أَنْ تُبْسَلَ} لئلا تبسل نفس، أي تسلّم إلى الهلاك، وتحبس في النار، وتمنع من الثواب. والبسل: حبس الشيء ومنعه بالقوة، ومنه شجاع باسل، أي يحمي نفسه ويمنعها. {بِما كَسَبَتْ} عملت. {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ} أي غيره. {وَلِيٌّ} ناصر. {وَلا شَفِيعٌ} يمنع عنها العذاب. {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ} تفد كل فداء. {لا يُؤْخَذْ مِنْها} ما تفدى به. {شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ} ماء بالغ نهاية الحرارة، أي شديد الحرارة. {وَعَذابٌ أَلِيمٌ} شديد الألم أو مؤلم. {بِما كانُوا يَكْفُرُونَ} بكفرهم.
سبب النزول:
روى الطبري عن السدي في آية {وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ..}. قال:
كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في النّبي صلّى الله عليه وسلّم والقرآن، فسبوه واستهزءوا به، فأمرهم الله أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
وروي مثل ذلك عن سعيد بن جبير وابن جريج وقتادة ومقاتل.
وروى الطبري أيضا عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهما قالا في قوله تعالى:
{وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ..}.: الذين يكذبون بآياتنا (١).