{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً.}. تشبيه تمثيلي، وجه الشبه منتزع من متعدد، شبّه فيه الحق بالماء المستقر على الأرض، وبالجوهر الصافي من المعادن، وشبّه الباطل برغوة الماء وخبث المعدن الطافي عليه لا يلبث أن يتلاشى ويضمحل.
{فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها} أي فسالت مياه الأودية، فهو مجاز عقلي من إسناد الشيء لمكانه.
{يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ} فيه إيجاز بالحذف، أي أمثال الحق وأمثال الباطل.
{لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا} .. {وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا} بينهما طباق السلب.
{كَمَنْ هُوَ أَعْمى} شبه الكافر الجاهل بالأعمى على سبيل الاستعارة.
المفردات اللغوية:
{مِنَ السَّماءِ ماءً} مطرا من السحاب أو من جانب السماء {أَوْدِيَةٌ} أنهار، جمع واد: وهو الموضع الذي يسيل فيه الماء بكثرة، ثم استعمل للماء الجاري فيه، وتنكيرها؛ لإتيان المطر على التناوب بين البقاع {بِقَدَرِها} بمقدارها الذي علم الله تعالى أنه نافع، أو بمقدار مثلها في الصغر والكبر {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً} رفعه، والزبد: ما يعلو وجه الماء من رغوة وقذر ونحوه {رابِياً} عاليا عليه مرتفعا فوقه {وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ} من جواهر الأرض وفلزاتها كالذهب والفضة والنحاس والحديد ومن: للابتداء، أو للتبعيض، والضمير للناس، وإضماره للعلم به {اِبْتِغاءَ حِلْيَةٍ} طلب زينة {أَوْ مَتاعٍ} ينتفع به كالأواني إذا أذيبت، وآلات الحرب والحرث، والمقصود من ذلك بيان منافعها {زَبَدٌ مِثْلُهُ} أي مثل زبد السيل، وهو خبثه وهو الذي ينفيه الكير {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ} أي المذكور مثل الحق والباطل وأهل كل.
{فَأَمَّا الزَّبَدُ} من السيل وما أوقد عليه من المعادن {فَيَذْهَبُ جُفاءً} يزول باطلا مرميا به، فالجفاء: ما يرميه الوادي من الزبد إلى جوانبه {وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ} من الماء والمعادن {فَيَمْكُثُ} يبقى وينتفع به أهلها {فِي الْأَرْضِ} زمانا، كذلك الباطل يضمحل وينمحق، وإن علا على الحق في بعض الأوقات، والحق ثابت باق، أي أن الحق في إفادته وثباته كالماء النافع الذي يستقر في الأرض، وكالمعدن الذي ينتفع به في صوغ الحلي واتخاذ الأمتعة المختلفة ويدوم ذلك مدة متطاولة، والباطل في قلة نفعه وسرعة زواله كزبد الماء أو غثائه ورغوته، وخبث المعدن وشوائبه {كَذلِكَ} المذكور {يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ} يبين، لإيضاح المشتبهات.
{لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ} أطاعوه، أي للمؤمنين الذين استجابوا بالطاعة لله، واللام متعلقة