{بَصائِرُ} أي حجج بيّنات وآيات واضحات، وتطلق البصيرة على عدة معان: عقيدة القلب، والمعرفة الثابتة يقينا، والعبرة، والقوة التي تدرك بها الحقائق العلمية، ويقابلها البصر الذي تدرك به الأشياء الحسية {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} أي فمن أدركها فآمن فثواب إبصاره له {بِحَفِيظٍ} رقيب لأعمالكم، إنما أنا نذير.
{وَكَذلِكَ} كما بينا ما ذكر {نُصَرِّفُ الْآياتِ} نبينها ونأتي بها على وجوه مختلفة بما يناسب المقام، ليعتبروا {وَلِيَقُولُوا} أي الكفار في عاقبة الأمر، فإن اللام لام العاقبة أو الصيرورة {دَرَسْتَ} قرأت كثيرا حتى حفظته، أو درست كتب الماضين وجئت بهذا منها، وفي الحديث:
«كان يدارسه القرآن» يذاكره له حتى يحفظه، وفي المدارسة معنى التذليل بكثرة القراءة.
{حَفِيظاً} رقيبا فتجازيهم بأعمالهم {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} موكّل مفوض في أمرهم، فتجبرهم على الإيمان.
المناسبة:
بعد أن أبان الله تعالى الأدلة على توحيده وكمال قدرته وعلمه، عاد إلى تقرير أمر الدعوة الإسلامية والرسالة وتبليغ النّبي صلّى الله عليه وسلّم وحي ربه.
التفسير والبيان:
قد جاءكم أيها الناس البصائر: وهي البينات والحجج التي اشتمل عليها القرآن وما جاء به الرسول من البراهين العقلية والنقلية التي تثبت لكم العقيدة الحقة، وتبين منهاج الحياة الأقوم، ودستور النظام العام للجماعة، وأصول الأخلاق والآداب.
فمن أبصر الحق فآمن فلنفسه، ومن عمي عن الحق وضل وأعرض عن سبيله، فعلى نفسه جنى، كقوله تعالى: {فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ