{وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ} تشبيه حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان، لا ليعرفهم، بل ليأمر فيهم. {صَفًّا} مصطفين، كل أمة صف، لا يحجب أحد أحدا. {لَقَدْ جِئْتُمُونا} على إضمار القول على وجه يكون حالا، أي قائلا أو عاملا في {يَوْمَ نُسَيِّرُ}. {كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي فرادى حفاة عراة، لا شيء معكم من المال والولد، لقوله تعالى:{وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى}[الأنعام ٩٤/ ٦].
{بَلْ زَعَمْتُمْ} أي ويقال لمنكري البعث ذلك، و {بَلْ}: للخروج من قصة إلى أخرى.
{أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً} وقتا للبعث والنشور، لا نجاوز الوعد.
{وَوُضِعَ الْكِتابُ} أي جعل كتاب كل إنسان في يده حين الحساب، في يمينه للمؤمنين وفي شماله للكافرين. {مُشْفِقِينَ} خائفين. {وَيَقُولُونَ} عند معاينتهم ما فيه من السيئات.
{يا وَيْلَتَنا}{يا}: للتنبيه، و {وَيْلَتَنا}: هلاكنا، وهو مصدر لا فعل له من لفظه، أي يا هلاك أقبل، فهذا أوانك. {صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً} من ذنوبنا. {إِلاّ أَحْصاها} عدّها وأثبتها، وهو تعجب منه في ذلك. {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً} مثبتا في كتابهم، أو مسطورا في كتاب كل واحد منهم. {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} لا يتجاوز ما حدّه من الثواب والعقاب، فلا يعاقب أحدا بغير جرم، ولا ينقص من ثواب مؤمن.
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى خساسة الدنيا وزوالها، وشرف القيامة ودوامها، وأن التفاخر ليس بالأموال، بل بالعمل الصالح، أردفه بأحوال القيامة، وما فيها من أخطار وأهوال، وتغير معالم الأرض والحشر، والعدل المطلق في رصيد أعمال الناس جميعا بكتب وصحائف شاملة، يتبين منها أن أساس النجاة: هو اتباع ما أمر به الدين، وترك ما نهى عنه.
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى عن أهوال القيامة وما فيها من الأمور العظام وهي:
١ - {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ.}. أي واذكر يا محمد حين نذهب بالجبال من أماكنها، ونزيلها، ونبددها كالسحاب هباء منثورا، كما قال تعالى: