إلا وقد شركوكم في الأجر» ثم قرأ:{وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ:}
{لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} الآية.
وأصل الحديث في الصحيحين من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا، ولا سرتم سيرا إلا وهم معكم، قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: نعم، حبسهم العذر»
وفي رواية أحمد:«حبسهم المرض».
فقه الحياة أو الأحكام:
أوضحت الآيات إسقاط فرضية الجهاد بسبب العذر عن أصناف ثلاثة من ذوي الأعذار وهم الضعفاء والمرضى والفقراء، وأنه لا حرج ولا إثم على المعذورين بسبب القعود عن الجهاد، وهم قوم عرف عذرهم، كأرباب الزمانة والهرم والعمى والعرج، وأقوام لم يجدوا ما ينفقون.
والجمهور من العلماء على أن من لا يجد ما ينفقه في غزوة: لا يجب عليه الجهاد. وقال المالكية: إذا كانت عادته المسألة، لزمه كالحج، وخرج على العادة؛ لأن حاله إذا لم تتغير، يتوجه الفرض عليه كتوجهه على الواجد المليء.
ودلت الآيات على أصلين عظيمين من أصول الشريعة وهما:
الأصل الأول-سقوط التكليف عن العاجز، لقوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ} فكل من عجز عن شيء سقط عنه، فتارة إلى بدل هو فعل، وتارة إلى بدل هو غرم، ولا فرق بين العجز من جهة القوة البدنية، أو العجز من جهة المال. ونظير هذه الآية قوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها}[البقرة ٢٨٦/ ٢] وقوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[النور ٦١/ ٢٤].
الأصل الثاني-الأصل في الإنسان براءة الذمة، أو براءة المتهم حتى تثبت