للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاغة:

{فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى} إبهام الموحى به للتعظيم والتهويل، ومثله: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى} [النجم ١٦/ ٥٣] وكذلك {فَغَشّاها ما غَشّى} [النجم ٥٤/ ٥٣].

{وَالنَّجْمِ إِذا هَوى} .. {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى} بين هوى والهوى جناس، فالأول بمعنى خرّ وسقط‍، والثاني بمعنى هوى النفس.

{إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى} جملة يوحى لدفع المجاز وتأكيد الإيحاء.

المفردات اللغوية:

{وَالنَّجْمِ} جنس النجوم، أو الثريا، فإنه غلب فيه إذا غرب أو انتثر يوم القيامة، والواو للقسم. {هَوى} غرب وسقط‍. {ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ} ما عدل محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهداية المستقيم. {وَما غَوى} ما وقع في الغي: وهو الجهل مع الاعتقاد الفاسد، وهو الجهل المركب، والمراد: ما اعتقد باطلا قط‍، والخطاب في هذا لقريش. والمراد: نفي ما ينسبون إليه.

{وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى} ما يتكلم بالقرآن عن الهوى أي بالباطل. {إِنْ هُوَ} أي ما القرآن أو الذي ينطق به. {إِلاّ وَحْيٌ يُوحى} وحي يوحيه الله إليه.

{عَلَّمَهُ} إياه ملك. {شَدِيدُ الْقُوى} صاحب القوى الشديد، وهو جبريل عليه السلام. {ذُو مِرَّةٍ} ذو قوة وحصافة في عقله ورأيه. {فَاسْتَوى} فاستقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها، ورآه عليها محمد صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة في السماء، ومرة في الأرض عند غار حراء في بدء النبوة.

{وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى} أفق السماء وهو الجهة العليا بالنسبة للناظر، والضمير لجبريل. {ثُمَّ دَنا} قرب من النبي صلى الله عليه وسلم. {فَتَدَلّى} زاد في القرب ونزل وتعلق به، وهو تمثيل لعروجه بالرسول صلى الله عليه وسلم. {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى} أي فكان جبريل على مقدار قوسين أو أقرب من ذلك، والمراد به هنا مقدار ما بين مقبض القوس والسّية: وهي ما عطف من طرفيها، ولكل قوس قابان: طرفان. والخلاصة: فكان مقدار مسافة قربه منه مثل مقدار مسافة قاب قوسين. والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما أوحي إليه، بنفي البعد الموقع في اللبس والغموض.

{فَأَوْحى} الله تعالى. {إِلى عَبْدِهِ} جبريل. {ما أَوْحى} جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر الموحى به تفخيما لشأنه، أو فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد صلى الله عليه وسلم. {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى} أي ما أنكر فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ما رآه ببصره من صورة جبريل عليه السلام.

{أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى} أفتجادلونه وتغلبونه وتكذبونه على ما يراه معاينة، من المراء:

<<  <  ج: ص:  >  >>