فأخذناهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هل جئتم في عهد أحد؟ وهل جعل لكم أحد أمانا؟ فقالوا: لا، فخلّى سبيلهم، فأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ، وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ، بِبَطْنِ مَكَّةَ، مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} الآية.
المناسبة:
بعد أن وعد الله تعالى أهل الحديبية بمغانم خيبر، أردفه بذكر نعم كثيرة أخرى:
أولها-أنّ ما أتاهم من الفتح والمغانم ليس هو كل الثواب، بل وعدهم مغانم كثيرة من غير تعيين، وكل ما غنموه كان منها، والله كان عالما بها.
وثانيها-وعدهم بغنائم هوازن وفارس والروم وغيرها من البلاد التي ستفتح.
وثالثها-الوعد بنصر المؤمنين وخذلان الكافرين، وتلك سنّة الله القديمة.
ورابعها-امتنان الله على عباده المؤمنين بكفّ أيدي المشركين عنهم في الحديبية.
التفسير والبيان:
{وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها، فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ، وَكَفَّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ، وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً} أي وعدكم الله أيها المؤمنون مغانم كثيرة من المشركين والكفار على ممرّ الدهر إلى يوم القيامة، ولكن عجّل لكم غنائم خيبر، وكفّ أيدي قريش عنكم يوم الحديبية بالصلح، وأيدي اليهود أهل خيبر وحلفائهم من أسد وغطفان عن قتالكم، وقذف في قلوبهم الرعب، فلم ينلكم سوء مما أضمره أعداؤكم لكم من المحاربة والقتال.