هذا دليل القدرة، أعقبه تعالى بالدليل على كمال العلم فقال:
{وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ} أي إن الله عالم بحمل أي أنثى في العالم، لا يخفى عليه من ذلك شيء، كما أنه عالم بوقت الوضع ومكانه وكيفيته، كما قال:{اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ، عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ}[الرعد ٨/ ١٣ - ٩].
{وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتابٍ} سماه معمّرا بما هو صائر إليه، أي ما يمدّ في عمر أحد، وما ينقص من عمر آخر إلا في صحيفة كل إنسان في اللوح المحفوظ، لا يزيد على ذلك ولا ينقص منه، سواء أكان من أصحاب الأعمار الطويلة أم القصيرة الأجل، فتطويل العمر وتقصيره هما بقضاء الله وقدره، لأسباب مسبقة يعلمها الله، فمن أطال عمره فلأنه يفعل ما يقتضي التطويل، كصلة الرحم، ومن قصر عمره فلأنه يفعل ما يقتضي التقصير، كالإكثار من معاصي الله.
روى البخاري ومسلم وأبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره (١)، فليصل رحمه».
{إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} أي إن ذلك النظام المرتب للعالم سهل يسير على الله، لديه علمه جملة وتفصيلا، فإن علمه شامل لجميع المخلوقات، لا يخفى عليه شيء منها.