وقال: أتنكرون أن يكون لبني عبد مناف نبي؟ فسمعنا النبي صلّى الله عليه وسلم، فرجع إلى أبي جهل، فوقع به، وخوّفه، وقال: ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة، وقال لأبي سفيان: أما إنك لم تقل ما قلت إلا حميّة، فنزلت الآية:{وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاّ هُزُواً}.
نزول الآية (٣٧):
{خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} نزلت هذه الآية في استعجالهم العذاب، روي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، وهو القائل:{اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ، أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال ٣٢/ ٨].
المناسبة:
بعد أن أقام الله تعالى أدلة ستة على وجود الخالق المتصف بالوحدانية، أبان أن مصير الدنيا إلى فناء وزوال، وأنها خلقت للابتلاء والامتحان، ولتكون جسرا إلى الآخرة دار الخلود، وأن مصير الخلائق جميعا إلى الله تعالى للحساب والجزاء، ثم ذكر أن مجيء القيامة أو العذاب بالنار آت بغتة لا محالة، فلا يغترن أحد بطول البقاء في الدنيا، ولا يسخرن برسول من عند الله، فإنه سيلقى جزاء سخريته واستهزائه، وهذا زجر واضح شديد التأثير.
التفسير والبيان:
ينفي الحق تعالى الخلود في الدنيا لأحد من المخلوقات، فيقول:
{وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} أي قضى الله تعالى ألا يخلد في الدنيا بشرا، فلا أنت يا محمد ولا أحد ممن سبقك أو عصاك أو يأتي بعدك إلا عرضة للموت، وقد قدّر لك أن تموت كسائر الرسل المتقدمين قبلك.