موجب ولا داع للشكر، أو على أنهم أخبروك بالصدق عما سألتهم عنه، أو على ما فعل المنافقون في التخلف عن الغزو (الجهاد) وجاؤوا به من العذر، وكل ما فعلوا أنهم حولوا الحق والنور والهداية إلى ما يوافق أهواء الحكام وعامة الناس.
فهؤلاء لا تظنن أنهم ناجون من العذاب، بل لهم عذاب أليم شديد الألم في الدنيا بالخذلان والخسف والزلزال والطوفان وغير ذلك من الجوائح والمصائب العامة المدمرة، وفي الآخرة بحشرهم في جهنم جزاء إفكهم وتحريفهم وتبديلهم وتغييرهم كتاب الله. وذلك كقوله تعالى:{وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود ١٠٢/ ١١].
ثم كان قوله:{وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ} احتجاجا على الذين قالوا: {إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ}، وتكذيبا لهم، فقال للمؤمنين: ولا تحزنوا أيها المؤمنون على عمل أهل الكتاب وعلى ما فاتكم من نصر، ولا تضعفوا عن القيام بالواجب، وبينوا الحق ولا تكتموا منه شيئا، ولا تأخذوا عن حكم الله الصحيح عوضا مهما كثر، فإنه قليل، ولا تفرحوا على ما لم تعملوا، فإن الله يكفيكم همومكم وينصركم على أعدائكم، ويمدكم بالخير والفضل؛ لأنه تعالى مالك كل شيء، والقادر على كل شيء، فلا يعجزه شيء، فهابوه ولا تخالفوه، واحذروا غضبه ونقمته، فإنه الأعظم والأقدر من كل شيء في هذا الوجود.
فقه الحياة أو الأحكام:
تضمنت الآيات توبيخا، وتحذيرا، واحتجاجا وتكذيبا.
فهي توبيخ لأهل الكتاب الذين أمروا بالإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام وبيان أمره، فكتموا نعته. ويفهم من هذه الآية واجبات ثلاثة: توضيح العلماء كتاب الله وإفهامه للناس وإظهار ما فيه من عظة وأسرار في الأحكام العامة والخاصة، وتبيين الدين للمسلمين حتى يفهموه على حقيقته ويعرفوا أنه طريق