صلحت سرائرهم وعلانيتهم، واللفظ يعم كل صالح وشهيد، فالمطيع يكون مع هؤلاء في دار واحدة ونعيم واحد، يستمتعون برؤيتهم والحضور معهم، لا أنهم يساوونهم في الدرجة، فإنهم يتفاوتون لكنهم يتزاورون للاتباع في الدنيا والاقتداء، وكل واحد فيها راض بحاله.
ثم أثنى الله تعالى عليهم فقال:{وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} أي أن الأصناف الأربعة يكونون رفقاء له من شدة محبتهم إياه وسرورهم برؤيته. ورفيقا بمعنى المرافق والمراد به الجمع وهو رفقاء، فكأن المعنى: وحسن كل واحد منهم رفيقا، مثل:{ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً}[الحج ٥/ ٢٢] أي نخرج كل واحد منكم طفلا.
ويؤيد الآية:
ما رواه الطبراني مرفوعا:«من أحب قوما، حشره الله معهم»
وما أخرجه الشيخان عن أنس:«المرء مع من أحب» والمحبة تقتضي الطاعة، كما قال الله تعالى:{قُلْ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ.}. [آل عمران ٣١/ ٣].
هذا الجزاء لمن يطيع الله والرسول هو الفضل الإلهي العظيم، والله أعلم بمن يستحقه، فهو أعلم بمن اتقى، وكفى به سبحانه عليما بالأتقياء المطيعين، وبالعصاة المنحرفين، وبالمنافقين المرائين.
والآية إخبار من الله تعالى أنهم لم ينالوا الدرجة بطاعتهم، بل نالوها بفضل الله تعالى وكرمه.
فليحذر المنافقون المصير المشؤوم إن لم يصلحوا حالهم، وليهنأ المؤمنون الطائعون الصادقون بفضل الله ونعمته، وليفرحوا بما أثابهم به.
فقه الحياة أو الأحكام:
لمّا ذكر الله تعالى الأمر الذي لو فعله المنافقون حين وعظوا به وأنابوا إليه، لأنعم عليهم، ذكر بعد ذلك ثواب من يفعله.