{حَتّى يَطْهُرْنَ} قرئ بتشديد الطاء وتخفيفها، فمن قرأ بالتشديد أراد: حتى يغتسلن وأصله: يتطهرن، وكرهوا اجتماع التاء والطاء، فأسكنوا التاء وأبدلوا منها طاء، وأدغموا الطاء في الطاء. ومن قرأ بالتخفيف أراد: ينقطع دمهن، وعلى هاتين القراءتين ينبني الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة، في جواز وط ء الحائض إذا انقطع دمها لأكثر الحيض (١٠ أيام) قبل الغسل، فأجازه أبو حنيفة وأباه الشافعي.
البلاغة:
{قُلْ هُوَ أَذىً} تشبيه بليغ أي كالأذى، والأذى كناية عن القذر على الجملة، أي أن الحيض شيء يستقذر ويؤذي من بقربه نفرة منه وكراهة له، فتتأذى منه المرأة وغيرها برائحة دم الحيض.
{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} كناية عن الجماع.
{نِساؤُكُمْ حَرْثٌ} على حذف مضاف أي موضع حرث، أو على سبيل التشبيه، فالمرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالنبات الخارج.
المفردات اللغوية:
{الْمَحِيضِ} هو الحيض كالمعيش أي العيش: وهو لغة: السيلان، يقال: حاض السيل وفاض. وشرعا: دم فاسد يخرج من أقصى رحم المرأة كل شهر مرة واحدة، أقله عند الشافعي وأحمد: يوم وليلة، وغالبة: ست أو سبع، وأكثره: خمسة عشر يوما. والحكمة: الاستعداد للحمل حين المعاشرة الزوجية، إبقاء للنوع البشري. وقد يراد بالمحيض: مكانه الذي يفعل بالنساء فيه {أَذىً} قذر أو محله، أو هو ضرر ومؤذ مكروه تتأذى به المرأة وغيرها أي برائحة دم الحيض.
واعتزال النساء من الحيض: ترك غشيانهن في هذه المدة. {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} مثل {فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ} كناية عن عدم الجماع.
{يَطْهُرْنَ} يغتسلن بالماء إن لم يوجد مانع، أو التيمم خلفا عنه في رأي الشافعي. وقال أبو حنيفة: إن طهرت لأقل من عشرة أيام، فلا تحل له إلا إذا اغتسلت، أو مضى وقت صلاة كامل والدم منقطع، وإن طهرت لأكثر مدته وهي عشرة أيام، حلت له ولو لم تغتسل. {فَأْتُوهُنَّ} بالجماع {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} بتجنبه في الحيض، وذلك في المكان المأمور به وهو القبل، لا الدبر {التَّوّابِينَ} من الذنوب {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} من الأقذار. {حَرْثٌ لَكُمْ} موضع حرث