للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

بعد الأمر بالاستئذان عند الدخول، أمر الله تعالى بالاستئذان حين الخروج، لا سيما إذا كانوا في أمر جامع مع الرسول صلّى الله عليه وسلم من صلاة جمعة أو عيد أو جماعة أو تشاور في أمر مهم، ثم أمر المؤمنين بتعظيم النبي صلّى الله عليه وسلم ورعاية الأدب في مخاطبته، وحذرهم من مخالفة أمره وسنته وشريعته.

التفسير والبيان:

هذه آداب اجتماعية دينية إلزامية، وهي ثلاثة:

الأول-قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ، لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ} أي إنما المؤمنون الكاملون في الإيمان الذين صدقوا بوجود الله ووحدانيته وصحة رسالة رسوله من عنده، وإذا كانوا معه في أمر اجتماعي مهم، كصلاة جمعة أو جماعة أو عيد، أو مشاركة في مقاتلة عدو، أو تشاور في أمر خطير قد حدث، لم ينصرفوا عن المجلس حتى يستأذنوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فيأذن لهم.

وهذا الأدب مكمل لما سبقه، فلما أمر الله بالاستئذان حين الدخول، أمر بالاستئذان حين الخروج، ولا سيما إذا كانوا في أمر جامع مع الرسول صلّى الله عليه وسلم.

والأمر الجامع: هو الأمر الموجب للاجتماع عليه، فوصف الأمر بالجمع على سبيل المجاز.

روى أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس، فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة».

ثم أعاد الله تعالى طلب الإذن على سبيل التأكيد بأسلوب أبلغ من طريق جعله دليلا على كمال الإيمان، ومميزا المخلص من غيره، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>