ومحاولة التّدليس والخداع في إظهار أناس إيمانهم فترة ما، للتضليل والتشكيك، ثم العودة إلى الكفر هي محاولة صبيانية طائشة، لا يغترّ بها إلا السّذّج أمثالهم؛ لأن التلاعب بالدّين والإيمان ليس من سمة المخلصين، ولأن الإيمان إذا وقر في القلب عن دليل وبرهان، استحال نزعه وسلخه من صاحبه إلا بالموت أو القتل.
والنّبوات ليست قصرا على أمة من الأمم أو شعب من الشعوب، وإنما يختص الله برحمته من يشاء، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وهو صاحب السلطان المطلق والأمر المبرم، ينزّل الوحي أو الملائكة على من يشاء من عباده، فليس لليهود أن يقولوا: إن النّبوات محصورة فيهم، أو أن تفوق الحجة عند الله لهم، فهم لا حجّة لهم، والإسلام أصح من معتقداتهم، والمسلمون أصحّ منهم دينا.
وإن الهدى إلى الخير والدلالة إلى الله عزّ وجلّ بيد الله جلّ ثناؤه، يؤتيه أنبياءه، فليس لأهل الكتاب أن ينكروا أن يؤتى أحد مثلما أوتوا، فإن أنكروا يقال لهم:{إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} فالأمور كلها تحت تصرف الله، وهو المعطي المانع، يمنّ على من يشاء بالإيمان والعلم والتّصرف التامّ، ويضلّ من يشاء، فيعمي بصره وبصيرته، ويختم على قلبه وسمعه، ويجعل على بصره غشاوة، وله الحجّة التّامة والحكمة البالغة.