نفرّ، فما نكث أحد منا البيعة إلا جدّ بن قيس، وكان منافقا اختبأ تحت إبط ناقته، ولم يثر مع القوم. ويلاحظ أن جابر جمع بين الروايتين.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة».
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى حال المخلفين عام الحديبية، عاد إلى بيان حال الذين بايعوا تحت الشجرة، وذكروا فيما تقدم في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ.}. فأبان جزاءهم في الدنيا والآخرة، وهو الظفر بغنائم كثيرة من خيبر، وأخبر الله عن رضاه عن أهل تلك البيعة في الآخرة، لصدق إيمانهم، وإخلاصهم في بيعتهم، وإنزال السكينة (الطمأنينة) عليهم وتثبيت قلوبهم وأقدامهم. والخلاصة: لما ذكر تعالى حال من تخلف عن السفر مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذكر حال المؤمنين الخلّص الذين سافروا معه. والآية دالة على رضى الله تعالى عنهم، ولذا سميت بيعة الرضوان.
التفسير والبيان:
{لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} أي تالله لقد رضي الله عن المؤمنين المخلصين الذين بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت الشجرة بيعة الرضوان، بالحديبية، على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا، وروي أنه بايعهم على الموت، وكان عددهم في الأصح ألفا وأربع مائة. وسميت بيعة الرضوان، لقوله تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللهُ.} ..
روى البخاري أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: انطلقت حاجا، فمررت بقوم يصلّون، فقلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة