هذه الآيات دعائم الحياة الإسلامية وركائز المجتمع الإسلامي، فالآية الأولى يأمر الله فيها عباده بالعدل والإنصاف بصفة مطلقة في كلّ شيء، في التّعامل، والقضاء والحكم، وشؤون الدّين والدّنيا، وسلوك الإنسان مع نفسه ومع غيره، بل وفي الاعتقاد، فلا يعبد بحقّ وعدل غير الله الخالق الرّازق النافع، والآلهة المزعومة من أصنام وأوثان وكواكب وملائكة وأنبياء وأولياء وزعماء لا تستحق شيئا من العبادة والتقديس، قال ابن عباس في آية {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ}:
شهادة أن لا إله إلا الله.
روى ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: دعاني عمر بن عبد العزيز فقال: صف لي العدل، فقلت: بخ، سألت عن أمر جسيم، كن لصغير النّاس أبا، ولكبيرهم ابنا، وللمثل منهم أخا، وللنساء كذلك، وعاقب الناس على قدر ذنوبهم، وعلى قدر ذنوبهم، وعلى قدر أجسامهم، ولا تضربنّ لغضبك سوطا واحدا، فتكون من العادين.
ويندب الله تعالى إلى الإحسان، والإحسان في العبادة: هو كما في
حديث عمر في الصحيحين:«أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» والإحسان في الجزاء العقاب بالمثل واستيفاء الحق في القتل والجرح عن طريق القصاص (المعاملة بالمثل). والإحسان في وفاء الحقّ أو الدين: أداؤه من غير مماطلة، أو مع الزيادة غير المشروطة المتبرع بها.
وأفضل الإحسان وأعلاه الإحسان إلى المسيء،
فقد أمر النّبي صلّى الله عليه وسلّم به:
«وأحسن إلى من أساء إليك تكن مسلما». وقال عيسى بن مريم عليه السّلام: إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك.
وروى البخاري في تاريخه أن علي بن أبي طالب مرّ بقوم يتحدّثون،