للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال جماعة: هي سرّ الله في القرآن، ولله في كل كتاب سر، وهي مما استأثر الله بعلمه، فهو من المتشابه الذي نؤمن به، على أنه من عند الله، دون تأويل ولا تعليل، لكنه أمر مفهوم عند النّبي صلّى الله عليه وسلم.

وقال جماعة: لا بد أن يكون لذكره معنى وجيه، والظاهر أنه إيماء إلى إقامة الحجة على العرب وتثبيته في أسماعهم وآذانهم، بعد أن تحداهم القرآن على أن يأتوا بمثله، علما بأن القرآن مؤتلف من حروف هي التي منها بناء كلامهم.

فكأنه يقول لهم: كيف تعجزون عن الإتيان بمثله أو بمثل سورة منه؟ مع أنه كلام عربي، مكون من حروف هجائية، ينطق بها كل عربي: أمي أو متعلم، وهم أساطين البيان وفرسان الفصاحة والبلاغة، ويعتمدون على هذه الحروف في الكلام: نثره وشعره وخطابته وكتابته، وهم يكتبون بهذه الحروف، ومع هذا فقد عجزوا عن مجاراة القرآن الذي نزل على محمد صلّى الله عليه وسلم، فقامت الحجة عليهم أنه كلام الله، لا كلام بشر، فيجب الإيمان به، وتكون الفواتح الهجائية تقريعا لهم وإثباتا لعجزهم أن يأتوا بمثله.

لكنهم لما عجزوا عن معارضة القرآن، كانوا مكابرين معاندين في عدم الإيمان به، وقالوا ببلاهة وسخف، وسطحية وسذاجة عن محمد والقرآن: محمد ساحر، شاعر، مجنون، والقرآن: أساطير الأولين. وذلك كله آية الإفلاس، ومظهر الضعف، وفقد الحجة، وكذب المعارضة والممانعة، وكفر المقلّدة، والعكوف على التقاليد العتيقة البالية، والعقائد الوثنية الموروثة الخرقاء.

والرأي الثاني هو رأي جماهير المفسرين والمحققين من العلماء، وهو المعقول المقتضي فتح الأسماع، واستماع القرآن، والإقرار بأنه كلام الله تعالى.

سابعا-التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية في القرآن:

إن القرآن الكريم الذي نزل بلسان العرب، لم يخرج عن طبيعة اللغة العربية

<<  <  ج: ص:  >  >>