للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي هو الواحد، إذ لا موجود يساويه أو يدانيه في ذاته وصفاته. {فَادْعُوهُ} فاعبدوه. {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} مخلصين له الطاعة، الخالية من الشرك والرياء.

المناسبة:

بعد الرد على المجادلين في آيات الله بتعريفهم أن جدلهم بغير سلطان ولا حجة، وكان من جدلهم إنكار البعث، ذكر الله تعالى في هذه الآيات وما يليها عشرة أدلة على وجود الله وقدرته وحكمته، للدلالة على إمكان يوم القيامة ووجوده بالفعل، منها هنا خلق السموات والأرض، وتعاقب الليل والنهار، وجعل الأرض قرارا والسماء بناء، وخلق الإنسان في أحسن صورة، ورزقه من الطيبات، واتصافه تعالى بالحياة الذاتية والوحدانية، وكان يردف بعض هذه الأدلة بالأمر بعبادة الله وطاعته، والإخلاص فيها.

التفسير والبيان:

١ - {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أي إن خلق السموات والأرض وما فيهما من عوالم وأفلاك وكواكب وذخائر أكبر وأعظم من خلق نفوس الناس بدءا وإعادة، فمن قدر على ذلك، فهو قادر على ما دونه، بطريق الأولى والأحرى، عملا بمقاييس الناس وتقديراتهم، وإلا فالبدء والإعادة سواء على الله تعالى، فكيف ينكرون البعث؟ كما قال سبحانه: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس ٨١/ ٣٦] وقال سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ، بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى، بَلى، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف ٣٣/ ٤٦].

ولكن أكثر الناس لا يعلمون بعظيم قدرة الله، ولا يتفكرون ولا يتأملون بهذه الحجة الدامغة. وهذا أول دليل على قدرة الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>