ما تقدم، وهنا أتبع الشرائع بوصف أحوال القيامة، ثم ذكر في الآية بعدها أحوال عيسى.
التفسير والبيان:
اذكر أيها الرسول يوم يجمع الله الرسل يوم القيامة، فيقول لهم على سبيل التوبيخ والتأنيب لأممهم، ويسألهم عما أجيبوا به من أممهم، يسألهم عن نوع الإجابة، أهي إجابة إيمان وإقرار، أم إجابة إنكار وإعراض؟ وذلك كما قال تعالى:{فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}[الأعراف ٦/ ٧] وقال سبحانه: {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ}[الحجر ٩٢/ ١٥ - ٩٣] وهذا سؤال للطرفين: للرسل وللمرسل إليهم.
وقال تعالى:{وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}[التكوير ٨/ ٨١ - ٩] وهذا سؤال للشاهد دون المتهم للتوبيخ وإنكار الفعل.
وذلك يختلف باختلاف مواقف القيامة وأحوالها، فبعضها يسأل الله الرسل للشهادة على أممهم، وبعضها يسأل الأمم، وقد يسأل الخصم وقد يسأل الشهود، وقد يسأل الفريقان.
ويسألهم أيضا: ماذا عملوا بعدكم وما أحدثوا بعدكم؟ فأجابوا قائلين للربّ عز وجل: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا، بطريق التأدب مع الله جلّ جلاله، أي لا علم لنا بالنسبة لعلمك المحيط بكل شيء، العليم بكل شيء، المطلع على كل شيء، فعلمنا بالنسبة إلى علمك كعدم العلم، إنك أنت علام الغيوب، أي ما غاب عن الناس وذهب عنهم لشدة هول يوم القيامة، أو لسعة علم الله بظواهر الأمور وبواطنها.
وبهذا يجمع بين الرأيين في تفسير الآية وتوضيح الجواب، وهما ما يأتي: