للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تَأْوِيلاً} مآلا أو عاقبة {وَلا تَقْفُ} لا تتبع ما لا تعلم {وَالْفُؤادَ} القلب {مَسْؤُلاً} صاحبه: ماذا فعل به؟ فكل هذه الأعضاء يسأل صاحبها عما فعل بها، وأجراها مجرى العقلاء، لما كانت مسئولة عن أحوالها، شاهدة على صاحبها.

{مَرَحاً} فخرا وتكبرا، أو ذا مرح بالكبر والخيلاء {لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} تثقبها حتى تبلغ آخرها بكبرك أو لن تجعل فيها طرقا بشدة ووطأتك {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً} أي لا تبلغ هذا المبلغ، فكيف تختال؟! {كُلُّ ذلِكَ} المذكور من قوله: {وَقَضى رَبُّكَ} إلى هذا الموضع {مِمّا أَوْحى إِلَيْكَ} يا محمد {مِنَ الْحِكْمَةِ} هي معرفة الحق سبحانه لذاته، والخير والموعظة للعمل بهما.

{وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ} كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه، فإن من لا قصد له لا يقبل عمله، ومن قصد بفعله أو تركه غير التوحيد، ضاع سعيه، وأنه-أي التوحيد-رأس الحكمة وملاكها {مَلُوماً} تلام نفسك {مَدْحُوراً} مطرودا من رحمة الله. ثم رتب على الشرك نتيجته في الآخرة، وهو الإلقاء في جهنم.

المناسبة:

بعد أن أمر الله تعالى بخمسة أشياء أولا هي (التوحيد، والاشتغال بعبادة الله بإخلاص والاحتراز عن عبادة غير الله، والإحسان إلى الوالدين والتواضع لهما، وإيتاء ذوي القربى والمساكين وأبناء السبيل، والقول الميسور) ثم ذكر أدب الإنفاق وهو التوسط‍ دون إسراف ولا تقتير، أتبعه بالنهي عن ثلاثة أشياء وهي (النهي عن الزنى، وعن القتل إلا بالحق، وعن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن).

ثم أتبعه بأوامر ثلاثة: هي الوفاء بالعهد، وإيفاء الكيل، ووزن الميزان بالقسط‍ أو العدل. ثم نهى عن ثلاثة أشياء: اتباع ما لا علم له به، والتكبر والخيلاء، واتخاذ الشركاء آلهة مع الله.

والخلاصة: أنه تعالى جمع في هذه الآيات وما قبلها خمسة وعشرين نوعا من التكاليف وهي ما يأتي، مبتدئا بالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، مختتما به

<<  <  ج: ص:  >  >>