للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض، على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية.

فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم، فقال:

يا معشر المسلمين، أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم، بعد أن أكرمكم الله بالإسلام، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، وألّف بينكم، فترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا، الله الله، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوّهم، فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا، وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سامعين مطيعين.

فأنزل الله عز وجل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} -يعني الأوس والخزرج- {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} -يعني شاسا وأصحابه- {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ}.

قال جابر بن عبد الله: ما كان طالع أكره إلينا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأومأ إلينا بيده، فكففنا وأصلح الله تعالى ما بيننا، فما كان شخص أحبّ إلينا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فما رأيت يوما أقبح ولا أوحش أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم (١).

المناسبة:

بعد أن أورد الله تعالى أدلة نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم واعتراضهم على ذلك، وإبطال شبهاتهم ومزاعمهم، وبخهم على إصرارهم على الكفر، وصدهم عن دين الله، مستعملا الخطاب بأهل الكتاب، ليدعوهم باللين إلى تغيير موقفهم من دعوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وإيمانهم برسالته، مع علمهم بصدقه وصحة ما جاء به.


(١) أسباب النزول للواحدي: ص ٦٦ وما بعدها، البحر المحيط‍: ١٣/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>