على المرسلين، والكتاب المنير أي الواضح الجلي وهو التوراة والإنجيل والزبور، فصبروا على الأذى والسخرية، والمخالفة والمعاندة. وهذا من طبيعة البشر في كل زمن، منهم من يصغي إلى الحق، ومنهم من يقاومه ويهزأ بصاحبه، فلا تعجب من مقاومة دعوتك، فإن نفوسهم لا تنشد الوصول إلى الحق، ولا تبغي الخير.
فقه الحياة أو الأحكام:
لم يرتكب شعب في الدنيا جرائم شنيعة مثل اليهود، ولم يقتصر إجرامهم على البشرية، وإنما تجاوز ذلك إلى الله والرسل، فقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، وقتلوا الأنبياء بغير حق ولا ذنب، لذا قرعهم الله تعالى في القرآن الكريم وهددهم وأنذرهم بعذاب النار على أفعالهم.
والسلف والخلف منهم راضون بتلك الجرائم، لذا صحت نسبة الجريمة إلى المتأخرين منهم، وإضافتها إليهم مع أن القول السابق وقتل الأنبياء حدثا من أسلافهم، وكان بينهم نحو سبعمائة سنة. وهذا يدل على أن الرضا بالمعصية معصية،
وقد روى أبو داود عن العرس بن عميرة الكندي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إذا عملت الخطيئة في الأرض، كان من شهدها فكرهها-وقال مرة: فأنكرها- كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها».
ومن جرائمهم: الكذب السافر على الله وافتراؤهم عليه أنه عهد إليهم وأنزل عليهم كتابا فيه: ألا يؤمنوا لرسول يزعم أنه من عند الله، حتى يأتيهم بقربان تأكله النار. ويكون هذا من قبيل المعجزة الدالة على صدقه.
فرد الله تعالى عليهم أن معجزات النبي صلّى الله عليه وسلّم دليل قاطع في إبطال دعواهم، وكذلك معجزات عيسى، ومن علم صدقه وجب تصديقه.
والقضية قضية مخالفة ومعاندة، وليست قضية قناعة وحجة وبرهان،