يسكنون العمد، وليست إرم بلدا. وقال تعالى:{فَأَمّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَقالُوا: مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً؟ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً، وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ}[فصلت ١٥/ ٤١]. وقد حصبت الريح كل شيء لهم كما قال تعالى:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها}[الأحقاف ٢٥/ ٤٦].
{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي إن في إهلاك عاد بسبب تكذيبها رسولها لعبرة لكل الأقوام فيما أتيتهم به من رسالة الله، وما كان أكثر هؤلاء المهلكين بمؤمنين في سابق علمنا، وإن ربك لهو المنتقم من أعدائه، الرحيم بالمؤمنين من عباده إن تابوا وأصلحوا.
فقه الحياة أو الأحكام:
تبين من هذه القصة ما يلي:
١ - لقد كان موقف هود عليه السلام من قومه موقف الحكيم الحليم المتلطف بهم، فبالرغم من أنهم وصفوه بالسفاهة والجنون، ترفّع عن اتهامهم، واكتفى بالقول:{قالَ: يا قَوْمِ، لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ، وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ}[الأعراف ٦٧/ ٧].
٢ - إن أسلوب الداعية يجب أن يكون لطيفا دون تنفير، فقد سلك هود عليه السلام هذا الأسلوب، فذكّر قومه بالنعم التي أنعم الله بها عليهم، وحثهم على شكرها، والإيمان بالله المنعم كفاء ما أنعم، فهو الذي يجب أن يعبد ويشكر ولا يكفر.
٣ - إن التجبر أو العتو أو الطغيان لا يأتي بخير، وكل من ظن أن جبروته يحقق له كل ما يريد فهو غرّ جاهل، فهؤلاء قبيلة عاد الأولى توافرت لهم القوة البدنية الفائقة، والطول المديد، والنعمة السابغة، من الأموال والبساتين