نزلت في علماء أهل الكتاب وكتمانهم آية الرجم وأمر محمد صلّى الله عليه وسلّم. روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معاذ بن جبل وسعد بن معاذ وخارجة بن زيد سألوا نفرا من اليهود عما في التوراة من ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكتموهم إياه، فأنزل الله هذه الآية.
المناسبة بين الآيات:
كان تحويل القبلة في الآيات السابقة نعمة كبري على المسلمين، إذ جعلتهم مستقلين عن التبعة لغيرهم، ومكنتهم من الإشراف على البيت الحرام، لتطهيره من الشرك والوثنية، ووجهت أنظار المسلمين نحو مكة-قلب الجزيرة والعالم، ولما أثنى الله على الصابرين، وكان الحج من الأعمال الشاقة المضنية للمال والبدن، ناسب هنا ذكر بعض شعائر الحج، وهو السعي بين الصفا والمروة، لإتمام النعمة بالإشراف على مكة، والتذكير بأهميتها، وإقامة مناسك الحج فيها. وكل من الاتجاه إلى الكعبة والسعي هو أيضا إحياء لملة إبراهيم عليه السّلام، فلا مسوغ بعدئذ لمعاندة أهل الكتاب والمشركين في تحويل القبلة، ولا داعي لمحاولتهم زرع الأحقاد والضغائن ضد المسلمين الذين أمرهم الله بالاستعانة بالصبر والصلاة.
التفسير والبيان:
إن الصفا والمروة والسعي بينهما من علامات دين الله، ومن مناسك الحج والعمرة التي تدل على الخضوع لله وعبادته إذعانا وتسليما، يعبده عباده عندهما وما بينهما بالدعاء أو الذكر أو تلاوة القرآن، فمن حج البيت أو اعتمر، فلا إثم عليه ولا خوف من الطواف بهما، وإن كان المشركون يطوفون بهما، فإن طوافهم كان كفرا بسبب تعظيم الأصنام الجاثمة على صخرتي الصفا والمروة، وأنتم تطوفون بهما إيمانا وإطاعة لأوامر الله تعالى.