وقيد الله جواز الأكل من المحرمات بقوله:{غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ} لئلا يتبع الناس أهواءهم في تفسير الاضطرار، فيزعم الواحد أنه مضطر وليس بمضطر، ويتجاوز قدر الضرورة أو الحاجة مستغلا الظرف الطارئ، فينقاد لشهواته.
إن الله يغفر لعباده خطأهم في تقدير الضرورة، لأنه متروك إلى اجتهادهم، رحيم بهم، إذ أباح لهم تناول المحرّمات حال الضرورة، ولم يوقعهم في الحرج والعسر.
فقه الحياة أو الأحكام:
أكد الله في هذه الآية إباحة الأكل من الطيبات، وخص المؤمنين هنا بالذكر تفضيلا لهم وتنويها بهم، والمراد بالأكل: الانتفاع من جميع الوجوه. فيجوز الانتفاع بكل ما في البر والبحر من نبات وحيوان وأسماك وطيور إلا ما حرمه الله في هذه الآية وآية المائدة (٣) وما ذكره الفقهاء بالاعتماد على الثابت في السنة النبوية. ويلاحظ أن المذكور في سورة المائدة داخل تحت اسم الميتة: وهي كل ما مات من غير ذبح شرعي، سواء أكان موقوذة أم متردية أم نطيحة أم أكلها السبع ولم تدرك حية فتذبح. وكذا ما ليس بمأكول فذبحه كموته كالسباع وغيرها.
وقد خصصت هذه الآية
بقوله عليه السّلام فيما أخرجه الدارقطني:
«أحلت لنا ميتتان: الحوت والجراد، ودمان: الكبد والطحال»
وروى البخاري ومسلم عن أبي ثعلبة الخشني أنه قال:«نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أكل كل ذي ناب من السباع»
وروى مالك وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير حرام»
وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال:«نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل».