على أصحابه، فنزلت:{حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى} وهذا يدل على أن الصلاة الوسطى صلاة الظهر، وبه قال جماعة.
وأخرج أحمد والنسائي وابن جرير الطبري عن زيد بن ثابت أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي الظهر بالهجير، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، والناس في قائلتهم وتجارتهم، فأنزل الله:{حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى}.
وأخرج الأئمة الستة وغيرهم عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت:{وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ} فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
المناسبة:
ختمت آيات الأحكام السابقة في العبادات والمعاملات ومعاملة الزوجات بالأمر بتقوى الله والتذكير بعلمه بحال عباده وما أعد لهم من جزاء على العمل، لتقوية الوازع الديني في النفوس، كما هي سنة القرآن.
ثم توسطت آيات المحافظة على الصلاة آيات أحكام الأسرة لحكمة (١): وهي الحاجة إلى مذكّر عملي يصل الإنسان بالله، للترفع عن البغي والعدوان، والميل إلى العدل والإحسان في معاملة الأسر، ولا سيما بعد الطلاق الذي يولد الشحناء والبغضاء، وذلك المذكّر هو الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتدعو إلى الإحسان والتسامح، وتنفي الجزع وتنسي هموم الدنيا، فتتربى النفس الإنسانية على أفضل سلوك، وأقوم طريق، وإشارة إلى أنه يجب ألا تشغلنا البيوت وأوضاعها ولا أنفسنا عن الصلاة.
(١) قال المفسرون: هذه الآية معترضة بين آيات المتوفى عنها زوجها والمطلقات، وهي متقدّمة عليهن في النزول متأخرة في التلاوة ورسم المصحف (البحر المحيط: ٢٣٩/ ٢).