للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير والبيان:

{يَسْئَلُكَ النّاسُ عَنِ السّاعَةِ، قُلْ: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ} أي يتساءل الناس بكثرة عن وقت قيام القيامة، فالمشركون يسألون عنها تهكما واستهزاء، والمنافقون يسألون عنها تعنتا، واليهود يسألون عنها امتحانا واختبارا، فيجيبهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بتعليم الله له: إن علمها محصور بالله تعالى، لم يطلع عليها ملكا ولا نبيا مرسلا، فهو وحده الذي يعلم وقت حدوثها.

وأكد نفي علمها عن أحد غيره فقال:

{وَما يُدْرِيكَ، لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} أي وما يعلمك بها، فإنها من المغيبات المختصة بالله تعالى، وربما توجد في وقت قريب، كما قال تعالى:

{اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر ١/ ٥٤] وقال عز وجل: {أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل ١/ ١٦]

وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه البخاري:

«بعثت والساعة كهاتين» وأشار إلى السبابة والوسطى.

وفي هذا تهديد للمستعجلين، وتوبيخ للمتعنتين، كما تقدم. وكلمة {قَرِيبٌ} فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث، كما قال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف ٥٦/ ٧] لذا لم يقل: لعل الساعة تكون قريبة.

ثم ذكر الله تعالى نوع جزاء الكفار الذي ينتظرهم يوم القيامة، فقال:

{إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ، وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً} أي إن الله تعالى طرد الكافرين وأبعدهم عن رحمته، وهيأ لهم في الآخرة نارا شديدة الاستعار والاتقاد.

{خالِدِينَ فِيها أَبَداً، لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً} أي إنهم في ذلك العذاب في نار جهنم مخلدون ماكثون فيه على الدوام، ولا أمل لهم في النجاة منه، فلا يجدون

<<  <  ج: ص:  >  >>