للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

بعد أن بيّن الله تعالى أن المشركين طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلّم قرآنا غير هذا القرآن أو تبديله؛ لأن هذا القرآن مشتمل على شتم الأصنام التي اتخذوها آلهة لأنفسهم، ندد بعبادتهم تلك الأصنام وجعلها شفعاء، مع أنها جماد لا تضر ولا تنفع، ولا برهان لهم على ما يدّعون، فكيف يليق بالعقلاء عبادتها من دون الله؟!

التفسير والبيان:

ينكر الله تعالى على المشركين أمرين: عبادة الأصنام وجعلها شفعاء لهم عند الله، ظانين أنها تنفعهم شفاعتها عند الله، فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئا.

إن أكثر العرب كانوا يعترفون بالخالق: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، لَيَقُولُنَّ: خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف ٩/ ٤٣] وينكرون البعث، ويعبدون الأصنام، وهي لا تنفع ولا تضر؛ لأنها حجارة أو أجسام مصنوعة، فهم يعبدون الله ويعبدون معه غيره، كما قال تعالى: {وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ، إِلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف ١٠٦/ ١٢].

فهم يزعمون وجود قدرة للأصنام على النفع والضرر، وأنها وسطاء تملك الشفاعة لهم عند الله: {ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى} [الزمر ٣/ ٣٩] فهذان هما السببان في عبادتهم الأصنام. روي أن النضر بن الحارث قال: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللاّت والعزى.

فرد الله عليهم بقوله: {قُلْ: أَتُنَبِّئُونَ اللهَ.}. أي قل أيها الرسول لهم: لا دليل لكم على ما تدعون، أتخبرون الله بما لا وجود له في السموات ولا في الأرض، وما لا يعلمه من هؤلاء الشفعاء؟ نظيره قوله: {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>