المخاوف والمخاطر والمحاذير. {فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ.}. فما نفعتهم شيئا ولا دفعت عنهم بأس الله، بل ضرتهم أوثانهم التي كانوا يعبدونها ويدعونها من دون الله أو غيره، فما نفعوهم ولا أنقذوهم بإهلاكهم. وفي قوله تعالى:{الَّتِي يَدْعُونَ} حذف، أي التي كانوا يدعون أي يعبدون. وقوله:{وَما زادُوهُمْ} فيه إضمار ومضاف محذوف أي ما زادتهم عبادة الأصنام.
وما زادوهم غير تخسير وهلاك؛ لأن سبب هلاكهم ودمارهم إنما كان باتباعهم تلك الآلهة، فخسروا الدنيا والآخرة.
ومثل ذلك الأخذ بالعذاب، وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة لرسلنا، كذلك نفعل بأشباههم، فنأخذ القرى ونهلكها وهي في حالة الظلم الشديد، إن أخذه وجيع شديد لا يرجى منه الخلاص. وهو إنذار وتحذير من سوء عاقبة الظلم. وفي قوله:{وَهِيَ ظالِمَةٌ} مضاف محذوف أي وأهلها ظالمون، مثل {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف ٨٢/ ١٢]. ومعنى: إن أخذه أليم شديد أي عقوبته لأهل الشرك موجعة غليظة.
ورد في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه، لم يفلته، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ} الآية».
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
١ - فائدة القصص القرآني العظة والاعتبار، فإن كل من يشاهد آثار تلك القرى المهلكة، أو يعلم بما حدث لها من غير وجود أثر ظاهر، يأخذه الخوف والوجل والرهبة، ويخشى أن يتعرض لما تعرض له الأقدمون من عذاب مخيف.