والقائل: هو النضر بن الحارث الذي أنزل فيه: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً}[لقمان ٦/ ٣١] فقد اشترى قينة جميلة تغني الناس بأخبار الأمم، لصرفهم عن سماع القرآن.
ويلاحظ أنهم نسبوا آيات القرآن إلى قصص السابقين، ولكنهم لم يقولوا:
إن محمدا افتراها أو اختلقها؛ إذ كانوا يعتقدون صدقه وأنه ليس كذابا، كما قال تعالى:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ، وَلكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام ٣٣/ ٦].
وقد كان زعماء قريش كالنضر بن الحارث وأبي جهل والوليد بن المغيرة يصدون الناس عن سماع القرآن، ثم يحاولون التنصت على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ليلا، حتى إن الوليد بن المغيرة أعلن كلمته بعد تأثره بآيات القرآن:«إنه يعلو ولا يعلى عليه، وإنه يحطم ما تحته» ثم حاول إبطال هذه الكلمة كيلا تسمعها العرب بتأثير زعماء الشرك فقال: «إن هذا إلا سحر يؤثر».
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآية الأولى على أن حادث الهجرة كان معجزة ربانية لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم، فقد اجتمع المشركون في دار الندوة، واتفقوا على قتله، وانتدبوا من كل قبيلة شابا وسيطا جلدا قويا ليقتلوه بضربة رجل واحد، ليتفرق دمه على القبائل، فلا يستطيع قومه بنو هاشم محاربة القبائل كلها.
فأمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه، ودعا الله عز وجل أن يعمي عليهم أثره، فطمس الله على أبصارهم، فخرج وقد غشيهم النوم، فوضع على رؤوسهم ترابا ونهض.
فلما أصبحوا خرج عليهم علي، فأخبرهم أن ليس في الدار أحد، فعلموا أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فد فات ونجا. والقصة معروفة في السيرة.