والحاصل أنهم احتالوا على إبطال أمر محمد، والله تعالى نصره وقواه، فتبدد فعلهم، وظهر صنع الله تعالى.
والمراد من قوله:{وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ} مع أنه لا خير في مكرهم أنه أقوى وأشد وأعلم، لينبه بذلك على أن كل مكر، فهو يبطل في مقابلة فعل الله تعالى. وفي الآية إيماء إلى أن شأن الكفار إيذاء دائم للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم ومن تبعه.
وكما بدد الله مكرهم لشخص محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، بدد مكرهم لدينه وشرعه، فزعموا أنه أساطير الأولين، فردّ الله عليهم: أن الله الذي يعلم السر في السموات والأرض هو منزّل القرآن.
ودلّ قولهم:{لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا} على أن معارضتهم للقرآن مجرد قول وادعاء، ولم يتمكنوا بالفعل من معارضته، ومجرد القول لا فائدة فيه.
وكان هذا وقاحة وكذبا، وقيل: إنهم توهموا أنهم يأتون بمثل القرآن، كما توهّمت سحرة موسى، ثم راموا ذلك فعجزوا عنه، وقالوا عنادا:{إِنْ هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ}[الأنعام ٢٥/ ٦ ومواضع أخرى]. وإلقاء مثل هذا الكلام والاتهام الباطل ينم عن الضعف والعجز، وسطحية الجاهل العامي، كما أنه موقف يدعو للسخرية والهزء من القائلين؛ إذ لو كان لديهم دليل عقلي مقبول مفنّد لأعلنوه.