والنزل: ما يعد للضيف، ويكون أول ما يأكله، كما قال تعالى في حق المؤمنين:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً}[الكهف ١٠٧/ ١٨] أي ضيافة وكرامة.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١ - إن أصحاب الشمال هم الذين يأخذون كتبهم بشمائلهم، عظّم الله تعالى بلاءهم وعذابهم، وأثار فينا العجب من حالهم وشأنهم.
٢ - إنهم يعذبون في ريح حارة تدخل مسام البدن، ويشربون من ماء حار قد انتهى حرّه، لشدة العطش، فإذا أحرقت النار أكبادهم وأجسادهم فزعوا إلى الحميم، فيجدونه حميما حارا في نهاية الحرارة، وإذا فزعوا من السّموم إلى الظل، كما يفزع أهل الدنيا، فيجدونه ظلا من يحموم، أي من دخان جهنم أسود شديد السواد.
فهو ليس باردا، بل حار، لأنه من دخان شفير جهنم، ولا حسن المنظر ولا عذب، ولا نافع ولا خير فيه، فهو ليس بكريم.
٣ - إن أعمالهم الموجبة لهذا العقاب أو سبب استحقاقهم هذه العقوبة: أنهم كانوا في الدنيا مترفين منعّمين بالحرام، متكبرين عن التوحيد والطاعة والإخلاص، وكانوا يقيمون على الذنب الكبير ويلازمونه ولا يتوبون منه وهو الشرك، وقيل: اليمين الغموس، لأنهم كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون، وكانوا يقسمون ألا بعث وأن الأصنام أنداد لله، فذلك حنثهم، وكانوا يقولون استبعادا منهم لأمر البعث، وتكذيبا له، لا حياة بعد الموت، ولا يمكن إعادة الحياة للأجساد التي بليت والعظام التي نخرت، وبعث آبائنا أبعد، فإنا إذا كنا ترابا بعد موتنا، والآباء حالهم فوق حال العظام الرفات، فكيف يمكن البعث؟!